ظل الليل في القرية المهجورة
في أحد الزمان، كان هناك قرية نائية تقع بين جبال عميقة، محاطة بالغابات الكثيفة. كان اسمها "القرية الملعونة"، لكن القليل من الناس كانوا يعرفون عنها. كان الطريق إليها مغلقًا بسبب كثافة الأشجار، وكان سكانها قد اختفوا منذ عدة سنوات دون أن يتركوا أي أثر. ومنذ ذلك الوقت، تحولت القرية إلى مكان يُنصح الجميع بتجنبه.
في أحد الأيام، قرر شاب يدعى "سامي" أن يذهب في رحلة استكشافية لزيارة تلك القرية المهجورة. كان سامي محبًا للمغامرات ولديه شغف بكشف الألغاز، فكان هذا المكان يمثل له تحديًا كبيرًا. على الرغم من تحذيرات أصدقائه، الذين تحدثوا عن ظلال غريبة وأصوات غير مفسرة في تلك المنطقة، إلا أنه أصر على المضي قدمًا.
في صباح أحد الأيام، بدأ سامي رحلته نحو القرية. كان الجو مشرقًا، والأشعة الذهبية تتسلل بين الأشجار، ولكن مع مرور الوقت بدأ الغموض يسيطر على الأجواء. كلما تقدم في الطريق، زادت السحب الداكنة فوقه، وبدأت الرياح تعصف بالأشجار، مما جعل الجو خانقًا. بعد ساعات من السير، وصل إلى الأطراف المظلمة للقرية.
كان المكان هادئًا بشكل غير طبيعي، كأن الزمن توقف هناك. المنازل المهجورة كانت متداعية، والنوافذ مكسورة، وكأن هناك يدًا خفية قد مسحت كل شيء من الوجود. إلا أن ما أثار قلقه أكثر هو شعوره بشيء يراقبه من بعيد. كان هناك شيء غريب في هذه القرية، شيء لا يمكن تفسيره.
دخل سامي أحد المنازل القديمة، وكان الهواء في الداخل راكدًا ورطبًا، والجدران مليئة بالأوساخ والعناكب. وفي الزاوية، اكتشف ساعة قديمة كانت تدق بصوت منخفض، وكأنها تُنبئ بوقت غير عادي. لكن ما لفت انتباهه أكثر كان عكس الساعة: صورة امرأة شاحبة في إطار قديم، عيناها فارغتان وكأنهما تلاحقانه.
شعر سامي بشيء ثقيل في صدره، لكنه قرر أن يستمر في استكشاف المكان. فجأة، سمع همسات قادمة من الأسفل، وكأن شخصًا ما يهمس في أذنه. قرر أن يتبع الصوت، فهبط إلى الطابق السفلي. هناك، كانت الأرضية مغطاة بالغبار، والجدران تحمل آثار الكتابة بخطوط غير مفهومة.
وأثناء بحثه، تردد الصوت مجددًا، هذه المرة كان أكثر وضوحًا. همسات تقول: "اهرب قبل أن يصبح الوقت متأخرًا."
ثم، فجأة، أغلق الباب خلفه بشدة، وأطفئت الأنوار، وامتلأت الغرفة بشيء مظلم وساكن. في تلك اللحظة، شعر بشيء بارد يلمس وجهه. نظر حوله ووجد نفسه محاطًا بظلال متحركة، وهي تقترب منه رويدًا رويدًا.
ركض سامي في محاولة للهرب، لكنه شعر بشيء ثقيلة تحاول الإمساك به. كانت الظلال تتخذ أشكالًا بشرية، وتقترب منه بخطوات هادئة وثابتة. كلما ركض أكثر، زادت السرعة، حتى أن سامي شعر وكأن قلبه سيتوقف من الخوف.
أخيرًا، وصل إلى بوابة القرية، لكن الظلال كانت قد لحقته بالفعل. قبل أن يتمكن من الهروب، شعر بيد باردة على كتفه، وعندما استدار، لم يكن هنالك أحد. لكن الصوت كان يهمس مرة أخرى: "لقد عدت أخيرًا."
كانت تلك الكلمات هي آخر ما سمعه قبل أن يُغشي عليه ويغيب عن الوعي.
استفاق سامي ليجد نفسه في مكان مظلم، وفي يده رسالة قديمة مكتوبة بخط غريب: "لقد جئت، والآن أنت جزء من القرية إلى الأبد."
تعليقات
إرسال تعليق